«نحن فى حاجة إلى أن نعود للحياة مرار حتى نتقنها» نجيب محفوظ
إلى أولئك التائهين جدا، المفقودين جدا ، المكسورين جدا. إلى أولئك الرائعين جدا الذين أراود أن يتركوا تلك الحياة وضلوا الطريق بحثا عن أنفسهم فى طريق مظلم للغاية. إلى أولئك الوحيدين جدا، البعيدين جدا. إلى كل هؤلاء الأصدقاء الضائعين الذى خيب العالم ظنهم مرارًا وتكرارًا.إلى اولئك المتألمين جدا الذين فقدوا كل شىء. أرجوكم ألا تستلموا. علينا أن نتقابل يا أصدقاء يوم ما جميعا. وأن نقص على بعضنا كيف كانت الليالي الحالكة. كيف كان الموت أقرب من الحياة. كيف فقدنا الإيمان فى كل شىء حتى أنفسنا أحيانا.كيف تعطل جسدنا وفقدنا روحنا.كيف أننا لم نطلب المساعدة من أحد ونحن فى أمس الحاجة إليها.
ولكن الأهم من ذلك يجب أن نحكى لبعضنا كيف نجونا من هذا الجحيم.وكيف كانت الرحلة ثقيلة للغاية وطويلة.يجب أن يقص كل شخص قصته وأن نستمع إليها حتى النهاية.أخبروهم يا أصدقائي بكم كنا شجعان وحاربنا فى معركة مستحيلة ولكننا انتصرنا.
.أجل يا أصدقائي لن ولم ينجوا الكثير مما مررنا خلاله.وأيضًا يجب أن نضحك على أنفسنا عندما إستسلمنا وحسبنا أن هذه نهاية المطاف.يجب أن نحكى لبعضنا عن تلك الأمور الغريبة التى فعلناها. يجب أن نلتقى أكثر من مرة. كل يوم. أن يكون لنا مقهى. مقهى الشباب الضائع. مقهى لأولئك الذين خذلتهم الحياة وخذلتهم أنفسهم.سنكون موجدين من أجلهم.سنكون موجدين لهؤلاء الرائعين الذين يحبوا الأدب والفن والعلم والموسيقى والرقص.
فى كل يوم أحدث نفسى وأقول لها كم كنت أحمقًا.ولاحظت شىء. إن أكثر شىء يجعلنى أحمق هو عدم تعلمى من أخطائى.إن لم تتعلم من أخطائك يا صديقى فاعلم إنك لا تتحرك فى تلك الحياة. واكتشفت مؤخرا إن الحياة مراحل عديدة مختلفة متدرجة منها الأمل واليأس والاستسلام والنهوض والعدم والمعنى و الحب والكراهية،الوحدة ، الأصدقاء. لاحظت أن الحياة رحلة بين مراحل مختلفة.فأرجوك يا صديقى لا تجعل أحد تلك المراحل تستولى عليك وتقنعك أنها الحق. ولا واحدة منهم هى الحق. ولا تتوقع منى أو من أى شخص أخر أن يخبرك أين الحياة الحق. فجمعينا تائهون وجمعينا مازال يبحث عن الحياة. وليس معنى أن هناك مجموعة من الأشخاص وجدوا إن الحياة الحق تكمن فى شىء معين يتعالى علينا جميعا مثل الدين أو العلم أو الفلسفة أنهم هم الحق وأن نتبعهم دون غيرهم.
عن الوحدة
الوحدة مرحلة مهمة من مراحل النضج فى الحياة ولكن إياك أن تتمادى وتظن أنها مرحلة دائمة. أجل انها مرحلة قاسية.ببساطة ستجعلك أقوى ولكنها فى المقابل ستأخذ منك أشياء غالية مثل أصدقائك و سعادتك وروحك وحتى عقلك. لقد حاولت أن أكون سعيدا وأنا وحيدا لكن الحياة علمتني أن السعادة الحقيقة توجد مع الأشخاص سواء كانوا عاديين أو رائعين. قد تحل أشياء مثل الكتب محل الأصدقاء ولكن صدقنى ستفتقد الكثير ولن تستطيع أن تساعدك دائما وأحيانا ستسئم منها ولا تنسى أنك تحتاج إلى التواصل البشرى.
وأتذكر كلمات نيتشه الرائعة عندما قال:
لكنك ستتعب فى يوم ما من جراء وحدتك، فى يوم ما ستنثنى كبرياؤك. فى يوم ستصرخ: «إننى وحيد! فى يوم ما لن تستطيع أن ترى علوك، ستكون أقرب ما يكون من حضيضك، مقدّسك ذاته سيغدو مثل شبح مرعب بالنسبة لك.وستصرخ ذات يوم الكل باطل»
النهوض
هى مرحلة لم أكملها بعد. مرحلة تتسم بالتقلب والحركة. تتحكم بها التلقائية وتقول لعقلك أن يحاول أن يكون بسيطا وأن يبتعد عن التفكير فى الأشياء المعقدة. أن يحاول أن يتعلم من الخطأ وأن يستمع إلى الأخرين. مرحلة أظنها ستبقى معى لوقت ليس بقصير، وقت كافى لتحقيق أهداف مرحلة الوحدة أو أهداف مرحلة ما قبل الوحدة على الأقل.
«أننا لا نتهى أبدا ، فقط نسقط ولكننا نعود أقوى مما كنا..» نجيب محفوظ
وأخيرا علينا أن نبحث عن الحياة في كل شبر من تراب البسيطة في أقصي أعماق المحيط المظلم ومع الطيور المحلقة ، في الكهوف حيث الماضي وفي محطة الفضاء حيث المستقبل ، المهم ألا تقف ، أمض وأبحث عنها قبل أن يدركك الصديق الأبدي الذي يقف بيننا وبين إستكمال البحث. صديق قديم ضد جنس كامل ولازالنا نهزم ! لهذا لا تقف مت وانت تبتسم له ، صافحه وعانقه قبل أن يغرس الظلام في جسدك.
تعليقات
إرسال تعليق