التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إلى صديقى سالم

 عزيزى سالم 

أشكرك على رسالتك الأخيرة، لكنى أريد أن أوضح لك أنك لا تفهم شىء عم أمر به، لقد وصفتنى بالقارب، ونسيت أن القارب مهما كان متكاملا قد يجرفه التيار وقد تسحقه الأمواج، وأكررها لك، مهما كنت قويا ومتكاملا ستجد الحياة وسيلة لكسرك، منذ زمنا ليس ببعيد يا صديقى، كنت مثل البستان، ولكن فجأة اشعلوا فى النيران يا سالم، أو لعلى أنا من أشعل النيران، لم أفهم هذا أبدا! تخييل هذا، لقد شاهدت زهورى تحترق، وماتت فراشتى أمام عينى، وأصبحت خاويا ذبلا غير قادر على إعطاء أى شىء لأى شخص، بل حتى أننى عاجز عن مساعدة نفسى. تجتاحنى الآن موجات من المشاعر السلبية، أعرف أنها لن تفيدنى بشىء، لكنى أحتاجها يا صديقى، أحتاجها كما أحتاج كلماتك المشجعة. لقد سبق وذكرت لى فى أحد خطاباتك أن هناك نوعا من البذور لا ينبت إلا بعد الحرائق، أتمنى أن أكون من هذا النوع، أتمنى أن أستطيع تحويل تلك الصورة الكئيبة لبستانى المحروق إلى شىء آخر أفضل. فأنا أحتاج إلى أن أعيد إبتكار نفسى مجددا و مجددا بعد كل حريق. ولابد أن يكون هناك معنى فى المعاناة، أنها جزء منا، ويمكن أن تكون طريقة لفهم النفس وإعادة الإبتكار، لا أريدك أن تقلق على يا صديقى العزيز، لكنى أؤكد لك أنى سوف أجد طريقة لتحويل كل تلك المعاناة إلى شىء ذات معنى، فالجبال التى تراها نشأت من حمم بركانية سائلة، والبذور التى تراها كانت مدفونة فى عتمة التربة. كل هذا سوف يمر، وحتما سأجد طريقة للعودة، أنا الآن أتخبط فى طرق عشوائية، مازالت لم أعرف أى طريق سوف أسلك إلى الآن، لا أخفى عليك إنى أشعر ببعض الضياع، منذ خسارتى الأخيرة، وأشعر أن هناك شىء أنتزع منى، مازالت مشاعر الخسارة والنقص تطاردنى، لا أعرف متى سوف تختقى تلك الأشباح، أنت محق أيضا فـ إنى أقضى معظم وقتى فى الحاضر أصارع أشباح وذكريات الماضى، لكنى لا أستطيع أن أتوقف يا صديقى وعليك أن تفهم هذا، لقد كنت أتألم بحق، ولم اصطنع هذا، ولا يمكننى عمل شىء لتغير هذا الآن، أنا حزين بعض الشىء أن هناك شىء أردته بشدة لكنه أنكسر أمامى، لا يمكنك لومى لكونى حزين الآن، وفى النهاية أود أن أبلغك بأنى سأبذل قصارى جهدى حتى أتحسن وأخرج من تلك الحالة المحطمة. وسأكتب لك مجددا عندما أتحسن.

المخلص لك، 

ديفيد 



ملحوظة:  سوف أحاول ممارسة التأمل كما قلت أعدك بهذا، مع أنى أشك أن هناك فائدة ترجى منه، أنا مازالت مشتعلا ولا أعرف كيف أطفىء نارى. 








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

The Forest

Lately, I've been going through new experiences. Yesterday I was in the woods, the forest for the first time in my life. I had one particular idea that kept resonating in my mind. Murakami, what was the name of your novel? But I had a stronger feeling. I was honestly frightened. To me, the forest is a living organism. If it likes me, it welcomes me; if not, it can swallow me whole. Which novel Haruki When I entered, I used the main road. But something inside me whispered, 'Do not be afraid, you will not be swallowed today.' I stepped off the main road to use a narrower, wilder path. The road ahead is a steep, sloppy incline, winding through towering trees. The ground is blanketed with countless fallen leaves, concealing the uneven terrain beneath my feet. Each step is uncertain. I stop and look back, realizing it’s just me and the trees. They watch me as I watch them, and for a moment, we share a quiet appreciation. When I look at them, I don’t see mere wood and branches. I...

نظرية كوكب الأرض

  كوكب الأرض ليس الأفضل، وإن حاولنا مقارنته بالكواكب الآخرين، فسنجده كوكب صغير وغير مميز، وقد تظن الكواكب الأخرى أن لا أهمية له. ولكن على العكس تماما، فالبنسبة لنا كوكب الأرض هو أكثر الكواكب تميزا فى الكون، إنه إستثناء نادر جدا، لدرجة أنه لا يوجد أى كوكب يشبه. وهنا محور النظرية أن نضع وقتا أكثر لإيجاد نقاط تميزنا عوضا عن مقارنة أنفسنا أو ظروفنا بالآخرين. فى المقارنات سوف تخسر غالبا، وستضعفك ولن تقويك. فالأرض صغيرة بالنسبة للآخرين هذة حقيقة لا يمكن إنكارها، كما لا يمكن إنكار جمال الأرض الداخلى وتميزها الفريد. أعتقد أننا كبشر عموما نقارن نفسنا بالآخرين من وقت للآخر، ونقول لو كنت أملك هذا فقط، أو لدى ما عنده أو عندها من صفات.سوف يحدث هذا لا شك لكن المهم أن لا يحدث بدون أن نعى مميزاتنا، وأن لا نسعى بأن نقارن عيوبنا بمميزات الآخرين. أنا أؤمن أن المقارنة الوحيدة التى تستحق التفكير فيها، هى مقارنة أنفسنا بنسخنا السابقة، وقياس إن كنا نتحسن أو نتراجع، فهذه من المقارنات النادرة التى يمكنك الفوز فيها. لذا فى المرة القادمة التى تحاول أن تقارن نفسك بشخص آخر، تذكر أن كوكب الأرض الصغير هذا هو أكث...

علم الأحياء التطورى والإنتخاب الطبيعى للدكتور سامح سعد على 1/2

التطور علم كامل قد يدرس فى أكثر من سنة كما يقول د.سامح. فلماذا دائما يدعى الكثير من غير المتخصصين أنهم على درياه كاملة بالنظرية وإنها ليست إلا مجرد هراء لا ينفع العقل لا لشيء إلا لكونها تعارض إعتقدتهم سواء الدينية او الفلسفية؟ ولماذا نرى كل هذا التعصب من الطرفيين حينما يُطرح الأمر. الا يمكننا فقط أن نتوقف قليلا ونستخدم التفكير الناقد والحقائق العلمية فى وصولنا للحقيقة؟ يختم د.سامح تلك المحاضرة الرائعة بمقولة ابن رشد: «إذا أردت أن تتحكم فى جاهل ، فما عليك إلا أن تغلف كل باطل بغلاف دينى». يبدأ الدكتور سامح بذكر نقطتين أساسيان يلخصان طبيعة نظرية التطور وهما: 1- انحدرت الكائنات الحية من أجناس عاشت فى الماضي بعد خضوعها لتعديلات تركيبيه ووظيفية تلائم البيئات الحاضنة لها. 2-تتصل جميع الكائنات الموجودة والتي كانت موجودة على الأرض فيما يشبه شجرة  الحياة والتي تلتقى أفرعها و أغصانها عند أسلاف مشتركة. ولكن السؤال هنا هل نعرف جميع الانواع الموجودة على الأرض؟ بالطبع لا ، فنحن لا نعلم إلا 10% من الانواع الموجودة فعليا على كوكب الأرض. والملاحظة الأولى من شجرة الحياة ...