التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من الذى أشعل النيران؟

 عزيزى ديفيد 

أين أنت؟ لم أسمع منك لمدة ثلاثة أشهر، أتمنى أن تكون بخير. لكنى أشعر بالقلق عليك، أشعر بالقلق بأن قد يكون قد ابتلعك الظلام مجددا، وإنك مازالت غير قادر على تجاوز محنتك الأخيرة. فى خطابك الأخير لى قولت لى يا صديقى العزيز إنك لم تفهم أبدا من الذى أشعل النيران، وأقول لك بصدق، وبكل إخلاص، إنك أحمق كل الحمق فى طرح مثل هذا السؤال، لايهم من أشعل النيران يا ديفيد، المهم هو كيف سنطفئها. أنت تعرف جيدا أنى أعمل فى مجال علم الأحياء، وأقول لك يا ديفيد أن الحياة مهما أخذت من صدمات، فإنها تتعافى مجددا، تتعافى لأنها لا تضيع وقتا فى إلقاء اللوم على أحد، أو الشكوى بإن الكون ليس عادل، إنها تنهض مجددا وتحاول، تحاول حتى وإن كانت على وشك الفناء، ولكنها يا صديقى العزيز عندما تحاول مجددا تحاول بأسلوب جديد، فالكائن الذى سوف يسأل سؤالك هذا «من الذى أشعل النيران» سيكون مصيره الإنقراض ولنا فى الديناصورات مثلا وعبرة، والكائن الذى سوف يتقبل مصائب الحياة، ويستوعبها ويحبث عن طريقة جديدة للتعامل مع الموقف سوف ينجو ويزدهر ولك فى أجدادك مثلا وعبرة. أنا لا أحاول أن أملى عليك ما تفعل، لكنك يا ديفيد عليك أن تستفيق. أنت تعى جيدا أن الكون فى حالة إتزان، وأنت يا ديفيد عليك أن تكون متزنا داخليا، عليك أن تنهى حزنك، وأن تبدأ من جديد. لا تلوم أحدا أبدا. فقد قف وحاول مجددا. أن الكون لا يتوقف على شخص أو وظيفة، مهما كانت خسارتك فادحة، فإن روحك إن كانت متكاملة سوف تعبر كل هذا. خذ وقتك يا صديقى، ولكن من واجبى أن أحاول أن أساعدك فى محنتك تلك. وكن متيقنا أن هناك دائما فرصة لك، وإن الوقت لم يفت بعد. أتمنى أن أراك مجددا قريبا، أتمنى أن أقابل ديفيد المتفائل، الذى كان يتسطيع أن يرى المعنى فى كل شىء، وسوف أختم خطابى لك بعبارة قد سبق وقولتها لى « إن الماضى سجن يقيدك ويسلب حريتك، لذا من المهم دائما أن نتجاوزه وأن لا ننظر إلى الخلف كثيرا» 


المخلص لك،

أحمد سالم 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اليابان تغرق أيها الجنرال

   هناك الكثير من الأفكار العشوائية الآن في عقلي. الجيش الأمريكي، ورئيس بوركينا فاسو، ارتداد كرات البلياردو. لقد انتهيت اليوم من أول أربعة امتحانات، وأيضاً مقابلة لوظيفة في الجامعة. لقد شعرت البارحة بسعادة غامرة. الحياة أخيراً تبتسم لي؟ كم مرة؟ ما عدد السنوات التي ظلت الأبواب مغلقة في وجهي؟ خيبات الأمل كثيرة لكنها لم تكن أبداً قادرة على كسر إرادتي. لقد تعودت على بذل مجهود بدون مقابل ولكن هذا تغير الآن. كل ما أفعله الآن له مقابل. مؤخراً أشعر بالجنون، أي أنني أترك الأفكار تخرج من عقلي دون تفكير، أنا لا ألبس قناعاً لأي شخص الآن، إذا لم يعجبك تفكيري المجنون، تجنبني أرجوك، هذه هي رسالتي للعالم. أمر بفترة فقر روحي، أعلم هذا وألاحظه ولا أريد أن أعدله، لا أريد أن أنمو روحياً الآن، لا أريد أن أكتسب الحكمة وأذهب إلى الغابة. هناك بعض الأشياء المادية التي أريدها من العالم الآن وأنا أسعى نحوها بوعي. أفتقد أصدقائي، أفتقد قهوة السماحي وليالي الشتاء الدافئة، أفتقد الأفكار الإبداعية التي كنا نبتكرها لنضحك. أفتقد سائقي الميكروباص جديلة الترعة المتهورين، وأضواء الميكروباص الليلية. أفتقد تلك اللح...

عودة الأخ الأصغر

 لقد تغير العالم كثيرًا بقدوم الأخ الأصغر . كانت البشرية قد عانت بالفعل من الكثير مؤخرًا، وكان البشر فى أشد اشتياق للْمُخَلِّص. مع انتهاء الحرب فقَدَ البشر الإيمان بالكثير من المعتقدات البشرية سواء بأراداتهم الخالصة أو أجبروا، تصاعد الأمر لأن فقد أكثرية من البشر الإيمان فى البشرية ككل حتى أنهم أخيرا أدركوا الأولويات الحقيقة بعد سلسلة من المصائب كادت تمحى وجودهم الخافت. لم يعد البقاء وحده هو الأولوية  الأهم، البقاء بجانب الأمان والتطلع للحرية هذا ما يريدوه من الآن وإلى الأبد علمتهم الحرب أن البقاء ليس كافيا، ما الذى يُفرق بين الإنسان والحيوان اذن؟ البقاء فى أمان واستقرار مع التطلع إلى الحرية هذا ما رأيتهم عقولهم فور إنتهاء الحرب  ولكن البقاء والأمان مترابطان مع القوة. أما عن الحرية فكانت ضبابية عليهم، لكنهم أرادوها بشدة، كغريق ينظر إلى رمال الشاطئ. كتائه فى الصحراء رأى جزيرة بعد دهور من غير مياه. وُلد شعورا عالميا بوجوب وجود الحرية  كأحد المتطلبات الأساسية للبشر. وبالطبع أدركوا سريعا أن القوة والحرية متعارضان. الحرية تخلق القوة أو تبددها، بينما تقمع القوة ال...

چيِنْ

عزيزتي  چيِنْ ،   كيف   حالك   مؤخرا؟   غريبة   هي   الحياة   في   تقلباتها .  كنا   البارحة   نجلس   ونضحك   والآن   فرقتنا   المسافات   مجددا .  صحيح،   هل  مازلتي   تحتفظين   بعلم   دولة   نيبال   الذي   أهديته   لك   في   عيد   ميلادك؟   لم   أسمع   منكِ   منذ   سنوات،   لكنك   دائما   في   خاطري .  لماذا   لم   أسأل   عليك؟ لأني   أعرف   مدي   صلابتك   أيها   الصديق   القديم .  كنت   ولازالت   معجبا   بقدرتك   علي   ممارسة   الحياة .  لكن   هناك   شيء   أود   أن   أحدثك   عنه .    في   أخر مرة   تقابلنا   حدثتني   عن   اللعنات .  قلت   لي   ذات   مرة   أنك   تشعرين   بأن   هناك   لعنة   تط...