التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إياك والتوقف بعد الموت

لا أريد أن أسمع أعذار، لا أريد أن نخوض فى تفاصيل، فالمبدء عام ولا يقبل التفصيل، كل يوم يحدث فى العالم كارثة، كارثة أكبر من كل كوراثك، ولكن العالم يمضى إلى الأمام، كما يجب أن تفعل أنت. لا تشرح لى، ولا تفسر لى كيف كانت الظروف صعبة عليك، لأن المضى قد أنقضى وما تملكه هو الآن، فا ما الذى سوف تفعله؟ لا أريد سوى أن تمضى معنا، أن لا تتوقف أبدا، حتى وإن كنت ميتا سر معنا، صدقنى هناك الكثير من الموتى يسيرون حولك لكنك لا تشعر. لا أريدك أن تكون ميتا وواقفا فى مكانك، طالما مازالت تتنفس، وتملك عقلك وأطرافك، فلا أعرف عذرا يمنعك من مواكبه التقدم معنا. هل تسير ببطىء؟ أعدك أن سوف تتحسن مع مرور الوقت، لكنى عدنى أولا أنك لن تتوقف. نحن نعتقد أن مصائب الدنيا تقتل الإنسان، لكن هذا وهم، فالإنسان وصل إلى كل ما وصل إليه، بسبب أنه تجاوز كل مصائب الدنيا، تجاوز البرد القارس، وتجاوز عواصف البحر، وتجاوز غضب البراكين، وتجاوز آلام الخسارة، وتجاوز ألم البدء من جديد، من الصفر. لقد تجاوز كل شىء حاول عرقلته، وبدء مجددا، ولم يعلن نفسه ميتا. أعلم جيدا أن الحياة تكون أحيانا ثقيلة بشكل لا يطاق، لكن علينا أن نكون مستعدين نفسيا لهذا، علينا أن نستعد لعدم الخضوع، والتحلى بالروح المغامرة والمقامرة، المحاولة مجددا ومجددا بالرغم من خسارة كل شىء. أحيانا كثيرة يكون استكمال اليوم هو تحدى قائم بنفسه، هنا لا تدعى الموت حتى تقتل الوقت، وتبرر لنفسك سوء الظروف. أنت لست بحاجه إلى ذلك، الأيام الجيدة تأتى كما تأتى الأيام السيئة، مثلما يتعاقب الصيف والشتاء، لا مفر، لا يمكنك الجلوس فى الشتاء والبكاء حتى تعود شمس الصيف. هناك أجيال كثيرة، قبلت على نفسها أن تموت قبل الموت، فى كل يوم يقبل آلاف الناس الموت قبل الموت، ويتوقفون عن خوض الحياة، لا يهم لماذا فعلوا ذلك، لقد قرروا الاستسلام، تقبلوا الواقع، وأقتنعوا إن العالم كله شتاء بارد فقط، وأن الصيف وهم، وأن الشمس التى نراها هى وهم. هؤلاء لا داعى للتحدث عنهم، علينا تجاوزهم لأنهم توقفوا. وأنا لا أريدك أن تتوقف. أريدك ممتلىء ببريق الحياة فى أحلك الظلمات، كما تلون عزيزتنا الأرض الفضاء باللون الأخضر وسط عتمة كونية رهيبة. أريدك مستعد لتقبل الكوراث، وأن تكون متأهبا للعبور منها حيا كما كنت. لا تسمح لأحد أو شىء بأن يقتل جزء منك، فى النهاية أنت من تصنع القرار، وأنت من يمكنك الموت قبل الموت والتوقف. أو الوقوف بعد الموت والعودة للبدء من جديد. 





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

The Forest

Lately, I've been going through new experiences. Yesterday I was in the woods, the forest for the first time in my life. I had one particular idea that kept resonating in my mind. Murakami, what was the name of your novel? But I had a stronger feeling. I was honestly frightened. To me, the forest is a living organism. If it likes me, it welcomes me; if not, it can swallow me whole. Which novel Haruki When I entered, I used the main road. But something inside me whispered, 'Do not be afraid, you will not be swallowed today.' I stepped off the main road to use a narrower, wilder path. The road ahead is a steep, sloppy incline, winding through towering trees. The ground is blanketed with countless fallen leaves, concealing the uneven terrain beneath my feet. Each step is uncertain. I stop and look back, realizing it’s just me and the trees. They watch me as I watch them, and for a moment, we share a quiet appreciation. When I look at them, I don’t see mere wood and branches. I...

چيِنْ

عزيزتي  چيِنْ ،   كيف   حالك   مؤخرا؟   غريبة   هي   الحياة   في   تقلباتها .  كنا   البارحة   نجلس   ونضحك   والآن   فرقتنا   المسافات   مجددا .  صحيح،   هل  مازلتي   تحتفظين   بعلم   دولة   نيبال   الذي   أهديته   لك   في   عيد   ميلادك؟   لم   أسمع   منكِ   منذ   سنوات،   لكنك   دائما   في   خاطري .  لماذا   لم   أسأل   عليك؟ لأني   أعرف   مدي   صلابتك   أيها   الصديق   القديم .  كنت   ولازالت   معجبا   بقدرتك   علي   ممارسة   الحياة .  لكن   هناك   شيء   أود   أن   أحدثك   عنه .    في   أخر مرة   تقابلنا   حدثتني   عن   اللعنات .  قلت   لي   ذات   مرة   أنك   تشعرين   بأن   هناك   لعنة   تط...

الصيف يذهب بعيدًا

  قريب سوف يأتى الشتاء، وسيغطى الثلج كل شىء. ستصبح المدنية واحة بيضاء شبحية. لكن قبل أن يأتى لنتحدث عن البارحة. البارحة كانت لليلة رائعة، لأنى قابلت أناس رائعين. الخريف يزحف، ببطىء تتلون أوراق الأشجار بالأصفر. وعقلى تلون البارحة بالألوان. أنا أحب الأفكار وأنجذب للأشخاص الذين يستطيعون المجادلة وطرح الأفكار. جميلة هى ألمانيا، ورائعة هى روح الألمان.