كان المقهى مطلا على البحر مباشرة يفصله الطريق الرئيسى، ولو جلست فى الخارج لوصل إليك رذاذ البحر، كانت الساعة الخامسة مساءا، بدأت الشمس تبتعد عنا، أو لربما نحن من نبتعد عنها، جلس الفتى مع جومانه على ترابيزة صغيرة فى أخر المقهى ناحية الشمال، خيم جو دافئا، جيمع الترابيزات تبدو وكأنها مشغولة، الجميل فى الإسكندرية أن القهاوى ليست للرجال فقط، إنها ملجأ للرجال والنساء، للكبار والصغار، لكل أشكال الحياة. الجميع يتحدث ويلعب لأ أحد يفكر أو يتأمل، وهذا جعل القهوة حيّة، إنها تحتوى على صوت لا يتوقف، يأتى من مصادر وأماكن مختلفة ولكنه متناغم وليس عشوائى. صوت يحتضنك ويطمئن بأن تتحدث بحرية لن تحاسبك القهوة على آرائك أو مشاعرك. -يااه يا جومانه تعرفى امتى أخر أنا كنت فيها هنا -نظرت جومانه باستغراب من حوالى ست سنين بس مفيش اى حاجه أتغيرت، تحسى إن إحنا كمصريين مقاومين لكل أنواع التغير، ويمكن علشان نثبت ده بنينا الهرم، دول بتقع ودول بتقوم وأحنا لسه زى ما احنا ضحكت وقالت : ياعم الناس هنا دماغها تعبانه. كانت لجومانه طريقة خاصة بالحديث، فهى تغير درجات صوتها فى كل كلمة تقولها، فلا تعرف إذا...