لم تكن السعادة فى أولوياته. كان هناك شيء أهم يريد تحقيقه أولا. كان يريد الاستقرار العقلي وفهم آلية عمل العالم. لقد منحته الحياة عقلا مميزا للغاية لكنه أساء استخدامه. فبدلاً عن النمو وتقديم شيء إبداعي جديد، بدأ حياته بحرب أهلية على نفسه. كان السبب الجوهري لهذا الحرب هو عدم قدرته على فهم العالم حوله. لماذا يتصارع البشر؟ وكيف يعمل المال؟ لماذا جعلوه يكرهه السياسية والساسة؟ لماذا لا يفهم الحب؟ لماذا لم يستطع تحقيق ما يريد؟ لماذا يهرب من نفسه؟ ما الصواب وما الخطأ؟ وهل يمكن لأى شخص فى العالم وضع حدود له؟
تعجب للغاية كيف له يكون له عقلا بهذه القوة ولكنه عاجز عن مواكبة الحياة. لهذا قرر إعادة بناء كل شيء من جديد، كل أفكاره و معتقداته وآرائه. أخذ الأمر منه أربع سنوات حتى سد معظم فجواته الفكرية ودفع الثمن باهظا، لكنه تقبل هذا. لكن كان هناك فجوة واحدة لم يقدر العقل وحده على احتوائها وبث قرار فيها وهى الحب. لأن الحب لا يخضع لقوانين المنطق، وهو حاول أن يبنى حياته على المنطق. قالت له أحد زميلاته المُقربات يوما «أنت تحاول وضع قوانين لكل شىء، ولكن الحب لا يقنن»
لقد هدأ عقله أخيرا ووقفت حربه الأهلية. وأصبح أكثر وعيا للحياة. أصبح يملك أساسيات بناء الحياة التى يتصورها عقله. هو يعى جيدا أن عقله هو من يدير حياته، وعقله لا يهتم كثيرا بأمور الحب. مؤخرا مر بتجربة رفض عاطفى، كان تأثيرها عليه أكثر من المتوقع. لسببين، أولا التوقعات العالية، لقد توقع أن حياته سوف تصبح أفضل بهذه العلاقة. ثانيا لقد جُرح غروره جرحا غائرا. وهناك سبب ثالث أنه أخذ وقتا طويلا، حتى استطاع أن يتقبل حقيقة أنه أحب شخص ما (وهذا حدث نادر الحدوث) وأن هذا الشخص لا يريد أن يكون فى علاقة معه. خُلقت فجوة كبيرة ازدادت اتساعا عبر الأيام فى قلبه وعقله ولكنه بالنهاية ملئها.
إنه أفضل الآن. فهو ناجح في تحقيق أهدافه التى بالخارج. ومازال يسعى باستمرار حتى ينجح بأهدافه التي في الداخل. سوف يمضي، وسوف يتجاوز أى محنة، سوف يتقبل أى رفض، وسوف يحقق أهدافه بالرغم من كل شىء. سوف يعيش الحياة بالطريقة التي يجدها هو مناسبة له هو. سوف يخوض التجربة الإنسانية إلى النهاية. سوف يستمر فى فهم العالم، وربما فى يوما ما، سوف يُأثر فيه، وسوف يضع السعادة فى أولوياته.
تعليقات
إرسال تعليق