التخطي إلى المحتوى الرئيسي

انتهى الغضب

 لم أعد غاضبا. كان الغضب جزء أساسى من حياتى فى الخمس سنوات الفائتة. كنت غاضب معظم الوقت من نفسى، ومن العالم حولى. غاضب من نفسى لأنى تائه ومشتت وأحيانا خاوى، كنت جاهلًا للغاية. وغير قادر على إنهاء الأمور. وغاضب من العالم لأنه غير عادل وغير مفهوم. والغضب ليس سيئًا على الدوام. إنه قوة يمكن تسخيرها. أتذكر أنى تدربت لركض نصف الماراثون بسبب غضبى، لقد ركضت 21 كيلو بلا توقف على سرعة عالية مدفوعًا بالغضب. وامتحان ال GRE Biology، لم أكن لأكمل جدول مذاكرته لولا غضبى (فى البداية فقط، لقد أكملت مذاكرته للنهاية مدفوعا بالمعنى). 


ولكنى فى السنتين الأخريتين أدركت أننى لا يمكننى العيش هكذا. على التخلص من غضبى. قررت أن تكون أهم كلمة فى حياتى هى «الهدوء». وطورت صلاة جديدة، لتهدئه عقلى. أخذ الأمر منى سنتين من 2019 وإلى الآن حتى تُحدث الصلاة المبتكرة تأثيرا ملموسا. فأنا الآن لست غاضب من شىء أو شخص أو نفسى. بل بالعكس أن أتمنى أن يزيد مقدار غضبى، لأنى أصبحت هادىء بصورة غريبة. بصورة لم أتعودها. 


أدركت مؤخرا حقيقة جوهرية بسيطة للغاية. منذ أن وُلدنا ونحن فى سباق، سباق فى المدرسة، فى الجامعة، فى الهويات، والجميع يتوقع مننا أن نصل إلى خط النهاية فى نفس الوقت. ولكن هناك عنصر جوهرى مفقود من تلك المعادلة وهو أننا ليس لدينا نفس المعيطات حتى نستطيع تحقيق نفس النتيجة فى نفس الوقت. 


النتيجة= المعطيات/ الوقت. كلما زادت المعطيات، زادت النتيجة بثبوت الوقت. 


قبل أن أصل إلى العشرين كانت معطياتى من الحياة قليلة جدا جدا (تعليم- لغة- ثقافة- وعى) وكان مطلوب منى أن أحقق نفس النتيجة مع ثبوت الوقت مع أقرانى. ولهذا كنت غاضب معظم الوقت. كنت غاضب لأنى كنت استخدم معادلة لا تنسابنى. كنت غاضب لأنى كنت أبذل قصارى جهدى لكني لا أصل. لم أفهم أن معطياتى كانت تحد من نموى. مهما بذلت من مجهود كان هناك عنصر أساسى ناقص.



الآن أنا لا أسابق أحد. أنا مازالت أبنى أساسيات حياتى من جديد. أنا لا أحسب عمرى 22. عمرى الحقيقى هو سنتين. هذا هو الوقت الذى أدركت فيه نفسى والعالم حولى وأصبحت واعيًا. مازالت طفل تعلم لتوه الكلام والمشى. لكني طفل مدرك لإمكانيته، طفل عنيد يمكنه التخطيط ويحاول أن يحقق أهدافه. طفل واعى غير غاضب. مع الاستمرار سوف أصل و أحقق أحلامى وأهدافى فى الوقت المناسب. مازالت أحتاج بعض الوقت حتى ينضج الطفل. مازالت أحاول أن أستوعب مدى تعقيد العالم. مازالت أحاول استكشاف مهاراتى وقدراتى. سوف أنمو متكاملًا، مهما تخلفت فى نظر الآخرين عن السباق. سوف أمضى فى طريقى الخاص، على طريقتى الخاصة، وسوف أخذ وقتى الخاص. هذا هو أنا. فأنا أؤمن بنفسى وأؤمن أنى أبذل قصارى جهدى، وأنى الآن إذا أردت النمو على زيادة معطياتى وتطويرها. وهذا هو المهم. هكذا يمكننى خوض الحياة بدون ألم غير ضرورى. بدون غضب.



 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

The Forest

Lately, I've been going through new experiences. Yesterday I was in the woods, the forest for the first time in my life. I had one particular idea that kept resonating in my mind. Murakami, what was the name of your novel? But I had a stronger feeling. I was honestly frightened. To me, the forest is a living organism. If it likes me, it welcomes me; if not, it can swallow me whole. Which novel Haruki When I entered, I used the main road. But something inside me whispered, 'Do not be afraid, you will not be swallowed today.' I stepped off the main road to use a narrower, wilder path. The road ahead is a steep, sloppy incline, winding through towering trees. The ground is blanketed with countless fallen leaves, concealing the uneven terrain beneath my feet. Each step is uncertain. I stop and look back, realizing it’s just me and the trees. They watch me as I watch them, and for a moment, we share a quiet appreciation. When I look at them, I don’t see mere wood and branches. I...

نظرية كوكب الأرض

  كوكب الأرض ليس الأفضل، وإن حاولنا مقارنته بالكواكب الآخرين، فسنجده كوكب صغير وغير مميز، وقد تظن الكواكب الأخرى أن لا أهمية له. ولكن على العكس تماما، فالبنسبة لنا كوكب الأرض هو أكثر الكواكب تميزا فى الكون، إنه إستثناء نادر جدا، لدرجة أنه لا يوجد أى كوكب يشبه. وهنا محور النظرية أن نضع وقتا أكثر لإيجاد نقاط تميزنا عوضا عن مقارنة أنفسنا أو ظروفنا بالآخرين. فى المقارنات سوف تخسر غالبا، وستضعفك ولن تقويك. فالأرض صغيرة بالنسبة للآخرين هذة حقيقة لا يمكن إنكارها، كما لا يمكن إنكار جمال الأرض الداخلى وتميزها الفريد. أعتقد أننا كبشر عموما نقارن نفسنا بالآخرين من وقت للآخر، ونقول لو كنت أملك هذا فقط، أو لدى ما عنده أو عندها من صفات.سوف يحدث هذا لا شك لكن المهم أن لا يحدث بدون أن نعى مميزاتنا، وأن لا نسعى بأن نقارن عيوبنا بمميزات الآخرين. أنا أؤمن أن المقارنة الوحيدة التى تستحق التفكير فيها، هى مقارنة أنفسنا بنسخنا السابقة، وقياس إن كنا نتحسن أو نتراجع، فهذه من المقارنات النادرة التى يمكنك الفوز فيها. لذا فى المرة القادمة التى تحاول أن تقارن نفسك بشخص آخر، تذكر أن كوكب الأرض الصغير هذا هو أكث...

علم الأحياء التطورى والإنتخاب الطبيعى للدكتور سامح سعد على 1/2

التطور علم كامل قد يدرس فى أكثر من سنة كما يقول د.سامح. فلماذا دائما يدعى الكثير من غير المتخصصين أنهم على درياه كاملة بالنظرية وإنها ليست إلا مجرد هراء لا ينفع العقل لا لشيء إلا لكونها تعارض إعتقدتهم سواء الدينية او الفلسفية؟ ولماذا نرى كل هذا التعصب من الطرفيين حينما يُطرح الأمر. الا يمكننا فقط أن نتوقف قليلا ونستخدم التفكير الناقد والحقائق العلمية فى وصولنا للحقيقة؟ يختم د.سامح تلك المحاضرة الرائعة بمقولة ابن رشد: «إذا أردت أن تتحكم فى جاهل ، فما عليك إلا أن تغلف كل باطل بغلاف دينى». يبدأ الدكتور سامح بذكر نقطتين أساسيان يلخصان طبيعة نظرية التطور وهما: 1- انحدرت الكائنات الحية من أجناس عاشت فى الماضي بعد خضوعها لتعديلات تركيبيه ووظيفية تلائم البيئات الحاضنة لها. 2-تتصل جميع الكائنات الموجودة والتي كانت موجودة على الأرض فيما يشبه شجرة  الحياة والتي تلتقى أفرعها و أغصانها عند أسلاف مشتركة. ولكن السؤال هنا هل نعرف جميع الانواع الموجودة على الأرض؟ بالطبع لا ، فنحن لا نعلم إلا 10% من الانواع الموجودة فعليا على كوكب الأرض. والملاحظة الأولى من شجرة الحياة ...