من الأشياء التي كنت اشتاق إليها وأنا فى الجيش هي قراءة لأعمال موراكامى. أنا لا يمكنني العيش بدون القراءة. أحيانا يصبح عقلى فارغا تماما وهذا يشعرني بعدم الراحة. كنت أشغل عقلى بحل مسائل كبيرة مثل أصل الحياة، معنى الصفر، و التطبيقات الفلسفية لفكرة أن المعادلة التربيعية لها حلان صحيحان. أى أن هناك مسارين للوصول إلى الصفر. كنت أحاول أن أتخيل أن هذا له علاقة بميكانيكا الكم، ربما الإلكترون موجة أو جسيم بناء على أى مسار رياضى قد اتخذه.ربما يكون هناك مسار أسرع من مسار، فإذا كان حل المعادلة التربيعية مثلا، 5 و -2. ربما كان مسار ال 5 أسرع نسبيا من مسار الـ -2 حسابيا، اى لكى نصل للحل الأول (5) قد اجرى عمليتين حسابيتين بسيطتين، ولكن المسار الأخر (-2) يتطلب الكثير من الخطوات الرياضية المعقدة. وكنت أفكر ماذا سوف يحدث لو أن هناك نموذج يكون فيه أحد حلول المعادلة التربيعية هو معادلة تربيعية أخرى.
وأحيانا عندما يتوقف عقلي تماما عن التفكير، كنت اشغله بتكرار جدول الضرب. أو أفكر فى قدرة الظروف على تغير مزاجنا. كيف لخبر سعيد أن يجعلنا فى السماء؟ولخبر حزين أن يجلبنا للأرض مجددا. هناك شىء تغير فى منذ دخولى الجيش. لقد توقف قلبي تماما. لم أعد أشعر بشيء من قلبى. من يشعر ويستجيب للعالم الخارجى هو عقلى فقط. فقدت القدرة على الحب تماما. أو الاهتمام بالجنس الآخر. كل ما كنت أريده هو المزيد من الوقت حتى يتسنى لى مذاكرة الـ GRE. لم أعد اجتماعيا، فأنا أحب أن أكل وحيدا، أن أمضى وحيدا، أن أجلس وحيدا. ولكني أحب الاستماع إلى قصص البشر.
كان يشغل تفكيرى أيضا حال الجنود فى ميانمار. لا أعرف لماذا، لكني أستطيع الشعور بـ هم هذا الشعب من مكانى هذا. أشعر بأن هناك موجة من الكآبة تخيم على شعبهم بسبب غرور إنسان. لقد حدث إنقلاب عسكري على نظام ديمقراطى فى ميانمار في فبراير 2021. أتمنى لو تتحسن الأوضاع عندهم. أتمنى أن نصل إلى نقطة حيث لا يستطيع غرور إنسان واحد من جعل الآلاف يعانون من حياة بائسة للغاية.
شىء جديد حدث لى فى الجيش. إنى استعدت القدرة على البكاء. كنت قد فقدتها. ولكن أحيانا تأتي على نوبات فى الجيش حيث ابدأ فى البكاء ولا أتوقف إلا بعد مرور نصف ساعة أو حتى ساعة. السؤال الهام: على ماذا تبكي؟ أبكى لسبب واحد فقط، أن نفسى تهون على. أنا فى وسط بيئة عدائية و مُتخلفة تخالف كل ما أؤمن به. فكرة التأقلم معهم تبدو غبية. لقد استمريت بالنمو بالداخل والخارج رغم كل شىء. كنت أكتب مذاكرتى و أذاكر و أتمرن وأظل إيجابيا رغم كل شىء.
مشكلتى إنى أقدر قيمة الوقت. بالنسبة لكل من حولى، أن الجيش سنة وسوف تمر. لا يعرف هؤلاء أن اليوم يفرق فى مجالى. وأنا عموما لا أحب أن أضيع وقتى. أثبتت لى التجربة إنى استثنائى بشكل ملحوظ مهما حاولت إخفاء هذا. طريقة عمل دماغى مغايرة لما هو متعارف أو مقبول. ربما لهذا علاقة بكونى أحاول أن أكون عالم أحياء. أنا أستطيع النظر إلى البشر كجنس يمكن دراسته. أضع نفسى دائما موضع المراقب. فالوعي لدى منفصل عن أى وعى جماعى موجود. وأيضا أدركت بصورة جدية، كيف أثرت سنوات الاكتئاب فى شخصى. أحيانا تصبح بينى وبين الواقع طبقة شفافة تأخذ وقتا حتى تنقشع، حينها لا أستوعب ما تراه عينى أو تسمعه أذني، حينها أذهب إلى عوالم أخرى داخل عقلى. وقد يستغرق الأمر مني ثواني و أحيانًا دقائق حتى أستطيع العودة مرة أخرى إلى عالمنا. وشخصيتي هي شخصية قيادية، هذا شيء يسبب لي المشاكل فى الجيش.
لا أريد أن أرفع من قيمة نفسى، لكن بالنظر على من أين أتيت وما حققت، فأنا كما يقولون «عبقرى»، لكن الحقيقة أنا لست ذكيًا. أنا ذكائى محدود للغاية للنطاقات معينة. ما قد يُحترم فى هى مثابرتي. لقد وقعت كثيرا لكني كنت أقوم بعد كل فشل وأحاول مجددا فى أن أصبح شيء ما، أن أكون ذو قيمة. والشيء الآخر الذي أحترم عليه، أنى فعلت كل هذا وحيدا، بدون مرشد، وهذا استثنائى. أنا شخص فضولى وتفكيرى مختلف لكن عموما لست على هذا القدر من الذكاء. مثابرتي وتفكيرى الخارج عن المألوف قد يجعلانى أبدو وكأني شخص ذكى. أنا أعرف أشخاص أذكياء لكني لست منهم، أنا أنتمى إلى فئة أخرى.
تعليقات
إرسال تعليق