إلي يوركا الجميلة،
أتمني أن تشعري شعورا جيدا. لا أعرف تحديدا كم من الوقت سوف يمر قبل أن تكتشفي هذة الرسالة المشفرة. لكني أثق بأنك ذكية وسوف تحلي هذا اللغز في فترة حياتك وربما حياتي. لم أقصد أن أجعل الأمر معقدا إلي هذة الدرجة، لكن الأمور تفاقمت كثيرا وخرجت عنسيطرتي. كم عمرك الآن يا عزيزتي؟ عشرون، ثلاثون، أم تجاوزتي المائة؟ وكم عمر فئرك بيري عندما توفي؟
إلي أي مدي تقدمت التكنولوجيا بكم الآن؟ هل أستطعتم أن تمدوا أعماركم إلي مئات الأعوام؟ وهل تعيشين الآن علي القمر أو المريخ أو كماكنت تفضل أمك في حواف غابة مطلة علي البحر؟ لا بد أن تكون كريسبر (تقنية للتعديل الجيني) قد نضجت الآن وأصبحتم تستخدمونهالتغير الكثير من نواحي الحياة.
اسمعي يا يوركا قد يبدو الأمر برمته بلا معني، يمكنك أن تتجاوزيه وتكملي حياتك وتعيشين كشخص طبيعي. أو قد تتجاوبي معه وتكمليمسارا قد سبق وبدأته أنا ووالدتك، مساري يبدو أبديا، ويختلف عن طريقة العيش الطبيعية. الآن أنت ناضجة، طالما وصلتي للرسالة وعليكأن تقرري. تملكي الإرادة الحرة، ليس لأننا والديك فأنت مجبرة علي تنفيذ التالي. أجل لقد مهدت لك الطريق لتختاري أشياء محددة، لكنكالآن يمكنك أن تلقي بكل هذا في أقرب بحيرة منك.وتدعيه يغرق للنهاية. القرار لك.
هناك بعض الحقائق الصادمة التي يؤسفني أن تسمعيها متأخرا، لكن ما كان باليد حيلة، أتمني أن تتفهمي هذا. أولا نحن أبويكالبيولوجيين. أنظري إلي الصورة المرفقة. علي اليمين تظهر أمك وعلي اليسار يمكنك رؤيتي، ملامحي غير مكتملة إذا كنت أضحك بينما تُلتقطالصورة. لكننا تقابلنا، أليس كذلك؟ في حياتك قد سبق وتعرفت علي بصفتي أحد أقارب والدتك، العم جاك ذو العلاقات العاطفية الفاشلة. ظهرت في أكثر مرحلة من حياتك وساعدتك كثيرا علي اتخاذ بعض القرارت الهامة. قد لا تتذكرني جيدا. لقد سبق أخبرتك بهويتي الحقيقيةفي أكثر من مناسبة لكني كنت أتظاهر بأن كل هذا قصص مصطنعة من وحيي خيالي، كما -أتمني أن تسامحيني- كنت أعطيك مشروببيه جزيئات بيولوجية قادرة علي تثبيط عمل الخلايا العصبية المسؤلة عن تخزين الذكريات. لهذا أنت لا تتذكريني جيدا ولم تكوني فضوليةبشأني، لم تسألي قط عن أي صلة قرابة لي مع والدتك، وأين أسكن أو ماذا أعمل. كل ما تعرفينه عني أني العم جاك ذو العلاقات العاطفيةالفاشلة. وأيضا الرجل الذي أهداكي الفأر بيري المذهل، الذي لا يكل.
اسمي الحقيقي هو جاك روبنسون، عالم أحياء في مجال الهندسة الوراثية، ووالدتك مارتا ملير عالمة فيروسات مرموقة. لقد كنت أمك رائدةفي استخدام التعديل الجيني لإطالة عمر الثدييات. وكنا بعد الانتهاء من العمل في الجامعة نستكمل عملنا في معملنا الخاص الملحق ببيتنا. كنا قد أحرزنا تقدما مذهل، لقد استطعنا إطالة عمر فئران التجارب إلي أكثر من ضعف عمرها المُفترض. وكنا نحاول تكرار تلكالتجارب علي ثدييات أخري، خاصة حيوانات قريبة من الإنسان. لهذا كنا نتواصل سريا مع أصدقاء لنا من دول العالم النامي، ونحثهم عليعمل بعض التجارب علي القرود. أظهرت التجارب ناجحا حقيقا. لقد استطعنا أنا وأمك الوصول إلي آلية لإبطاء الشيخوخة باستخدامالتعديل الجيني. لكننا لم نستطع مشاركة نجاحنا في العلن مع زملائنا. كان مازال ينقصنا الكثير من التفاصيل، لم يكن العمل أنتهي بعد. وأردنا أن يخرج العمل كاملا، ولهذا أخدنا المزيد من الوقت، نكرر التجارب، ونملء الفراغات. كان العمل طفرة علمية. لقد كان الفكر السائد أنتغير أحد الجينات قد يؤدي إلي زيادة العمر. لكننا اكتشفنا أن وقف آلية تدمير جزيئات ال mRNA المرتبطة بتنظيم الجينات، كانت السببالجوهري وراء إطالة العمر.
عملنا أنا ووالدتك لشهور بكل حماس. وكنا قد أوشكنا علي إكتشاف الآلية الكاملة لخداع الشيخوخة. حتي حدث شيء رهيبا للغاية. لقدتوفيت والدتك (البيولوجية). توفت فجأة وبدون مقدمات. لقد كان يوما عاديا للغاية، كنت قد ذهبت للنوم، وقالت لي أنها سوف تنهي بعضالأعمال في المعمل ثم تلحقني. كنت متعودا علي هذا. نمت واستيقظت ولم أجدها بجانبي.. بحثت عنها في كل مكان ولكن بدون جدوي.. وعندخلت المعمل وجدتها راقدة علي الأرض.. ولا تتحرك.
تعليقات
إرسال تعليق