التخطي إلى المحتوى الرئيسي

چيِنْ



عزيزتي چيِنْ، كيف حالك مؤخرا؟ غريبة هي الحياة في تقلباتهاكنا البارحة نجلس ونضحك والآن فرقتنا المسافات مجدداصحيح، هل مازلتي تحتفظين بعلم دولة نيبال الذي أهديته لك في عيد ميلادك؟ لم أسمع منكِ منذ سنوات، لكنك دائما في خاطريلماذا لم أسأل عليك؟لأني أعرف مدي صلابتك أيها الصديق القديمكنت ولازالت معجبا بقدرتك علي ممارسة الحياةلكن هناك شيء أود أن أحدثك عنه في أخرمرة تقابلنا حدثتني عن اللعناتقلت لي ذات مرة أنك تشعرين بأن هناك لعنة تطاردك أينما ذهبتي وهذا أكثر ما يرهقك في هذة الحياةلعنةتحددت قبل أن تولدي، شيء ليس لك فيه أي تحكممشكلة أزلية تصاحب الإنسان

اسمعي يا چين مؤخرا تخلصت مع لعنتي الشخصية و أود أن أشارك تجربتي معكي أنت دونا عن أي أحد آخر، لأني أظن أنك سوف تفهمين.

   

لقد كنت أعتقد يا چين أنني لن أكون سعيدا أبدا، وأن حياتي سوف تنتهي في أواخر العشرينياتكنت مقتنعا بأن لعنة الكآبة والمعاناة محفورة في جيناتيلقد ورثتها من أجدادي وأنه لا مفر منهالا يمكن الهروب منها لأني أحملها داخلي، حتي إذا ذهبت إلي أقاصيالشمال وجلست وحيدا في البرد القارص سوف أجد لعنتي معي، هكذا كنت أحدث نفسيكنت أكرهه العالم يا چين، أكرهه للغاية وتنميت لوبإمكاني القضاء علي هذا الجنس البشري تماما، حتي تتوقف تلك المعاناة وتلك المهزلة


كنت غاضب دائما من نفسي ومن عالمي، وكلما تعاملت مع أحد من أسرتي إزداد غضبي ونفوريكنت أشعر أن الذنب ذنبهم بطريقة أوبأخري، وأني لو كنت فقط واعيا حينما كنت طفلا، لكنت شخص آخر الآن، لما عانيت كل تلك المعاناة الزائدة عن الحد ولما تخبط في كل تلك الطرق التي لا تؤدي إلا إلي الهلاككنت أريد أن أتحمل مسؤولية قدري بالكاملأنا أكون أنا المسؤل عن حياتي


لقد تحررت يا چين من لعنتي أخيرالم أعد أعاني وأصبحت أستمتع وأحب الحياةلقد انقشعت لعنتي يا عزيزتيلم أعد غاضبا وليس في قلبي مكانا للكراهيةلقد تجاوزت كل هذاتجاوزته بالكاملوها أنا أخبرك كيف فعلت هذا


لقد أخذت قرار جذريا بالمضي إلي الأمام، إلي أماكن جديدة، إلي أناس جدد، إلي ظروف جديدةلن أنظر للخلف مجددا يا چينلقدسافرت بعيدا وتركت كل ما يربطني بالماضيوخلقت هوية جديدة لي، وفجأة لم تعد تتطابق لعنتي مع هويتي الجديدةشيء ما غريب حدثلم تعد أنماط تفكير الماضي تسيطر عليهدأت و أصبحت الحياة أمامي واضحة بعد إن كانت مشوشةلقد أصبحت مسؤلاً عن قدري، حتي وإن كنت أعاني فأنا لست غاضب من أحد أو أحمل كراهية لأحدهذه قرارتي وأنا مستعدا لتلقي عواقبها


هذا كل ما في الأمر يا چينسوف أنتظر رسالة منك تخبريني فيها كيف تجاوزتي لعنتكربما سوف أنتظر يوما أو عاما، لكني أثق بالنهاية بكِ وبأنك سوف تكتبين خطاب ليوأتمني أن نتغلب علي المسافات ونتقابل مجددا، أنت وأنا وديفيد ويوركا وجروشنكا وجومانه وكل الأصدقاءالرائعون


المخلص لك دائما 

جاك

 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اليابان تغرق أيها الجنرال

   هناك الكثير من الأفكار العشوائية الآن في عقلي. الجيش الأمريكي، ورئيس بوركينا فاسو، ارتداد كرات البلياردو. لقد انتهيت اليوم من أول أربعة امتحانات، وأيضاً مقابلة لوظيفة في الجامعة. لقد شعرت البارحة بسعادة غامرة. الحياة أخيراً تبتسم لي؟ كم مرة؟ ما عدد السنوات التي ظلت الأبواب مغلقة في وجهي؟ خيبات الأمل كثيرة لكنها لم تكن أبداً قادرة على كسر إرادتي. لقد تعودت على بذل مجهود بدون مقابل ولكن هذا تغير الآن. كل ما أفعله الآن له مقابل. مؤخراً أشعر بالجنون، أي أنني أترك الأفكار تخرج من عقلي دون تفكير، أنا لا ألبس قناعاً لأي شخص الآن، إذا لم يعجبك تفكيري المجنون، تجنبني أرجوك، هذه هي رسالتي للعالم. أمر بفترة فقر روحي، أعلم هذا وألاحظه ولا أريد أن أعدله، لا أريد أن أنمو روحياً الآن، لا أريد أن أكتسب الحكمة وأذهب إلى الغابة. هناك بعض الأشياء المادية التي أريدها من العالم الآن وأنا أسعى نحوها بوعي. أفتقد أصدقائي، أفتقد قهوة السماحي وليالي الشتاء الدافئة، أفتقد الأفكار الإبداعية التي كنا نبتكرها لنضحك. أفتقد سائقي الميكروباص جديلة الترعة المتهورين، وأضواء الميكروباص الليلية. أفتقد تلك اللح...

عودة الأخ الأصغر

 لقد تغير العالم كثيرًا بقدوم الأخ الأصغر . كانت البشرية قد عانت بالفعل من الكثير مؤخرًا، وكان البشر فى أشد اشتياق للْمُخَلِّص. مع انتهاء الحرب فقَدَ البشر الإيمان بالكثير من المعتقدات البشرية سواء بأراداتهم الخالصة أو أجبروا، تصاعد الأمر لأن فقد أكثرية من البشر الإيمان فى البشرية ككل حتى أنهم أخيرا أدركوا الأولويات الحقيقة بعد سلسلة من المصائب كادت تمحى وجودهم الخافت. لم يعد البقاء وحده هو الأولوية  الأهم، البقاء بجانب الأمان والتطلع للحرية هذا ما يريدوه من الآن وإلى الأبد علمتهم الحرب أن البقاء ليس كافيا، ما الذى يُفرق بين الإنسان والحيوان اذن؟ البقاء فى أمان واستقرار مع التطلع إلى الحرية هذا ما رأيتهم عقولهم فور إنتهاء الحرب  ولكن البقاء والأمان مترابطان مع القوة. أما عن الحرية فكانت ضبابية عليهم، لكنهم أرادوها بشدة، كغريق ينظر إلى رمال الشاطئ. كتائه فى الصحراء رأى جزيرة بعد دهور من غير مياه. وُلد شعورا عالميا بوجوب وجود الحرية  كأحد المتطلبات الأساسية للبشر. وبالطبع أدركوا سريعا أن القوة والحرية متعارضان. الحرية تخلق القوة أو تبددها، بينما تقمع القوة ال...