أنتهت القصة.
مر عام بالكمال والتمام على التحاقي بالخدمة العسكرية. لقد تغيرت كثيرا على مستويات مختلفة. نفسيا أصبحت أفضل مئة مليار مرة. ما السبب؟ عدة عوامل مختلفة منها قلة الاعتماد على العقل والتركيز على الجسد عوضا، العيش على قمة جبل أمام البحر، والابتعاد عن ضوضاء المدينة والمنزل. جسديا، تحسن قوامى. أكثر من شخص قال لى انى «احلويت» لما دخلت الجيش. فكريًا، أصبحت منفتح أكثر عن العالم، لقد تعاملت خلال تلك السنة مع أشخاص كان من المستحيل أن ألتقى بيهم فى الحياة. أشخاص من أماكن لم أكن أعرف عنها شيء. أشخاص بسطاء يمثلون عامة الشعب المصرى. سمعت الكثير من القصص الغريبة. وزاد وعي الإجتماعى. شخصيا، أصبحت فكاهيا أكثر من السابق، وممتلىء بروح المغامرة، والحياة. زادت ثقتى فى نفسى كثيرا، لقد أنهيت الكلية، والآن أنا على وشك الإنتهاء من الجيش. ما القادم؟
لقد كنت أحتاج إلى راحة، وأنا ممتن لتجربة الجيش، لقد كانت تجربة مثالية حتى استرخى، وأخفف نشاطى العقلي. أنا الآن سعيد، وغير قلق. مستعد للحياة العملية. متفائل عن السابق، غير عصبي. مستعد لعمل صداقات جديدة. لقد توقف الألم تماما. وأصبحت أستطيع البقاء أيام دون أن يزعجني شىء.
قناة السويس
قبل دخول الجيش، تمنيت أن يكون جيشى على جبل وسط الصحراء فى الوادى الجديد، لكن سخرية القدر، أن جيشى كان على تبة (جبل) مطل على قناة السويس مباشرة. لقد أحببت القنال كثيرا. فى بداية وجودى فى الفصيلة، يناير 2022، كنت أجلس وحيدا في البرجولا أنظر مياه القنال، وكانت طبقات من الضغط النفسي والعقلي تتلاشى. كنت أجلس أحدق للمياه لأكثر من ثلاثة ساعات متصلين. أنظر للسفن العملاقة، واستمتع بالهواء البارد. وفى الليل، كان القمر ينير القنال بأشعته البيضاء، فكنت أجلس أنظر إلية وأنا أشرب كوب الكوفى ميكس. وكانت تلك عادة استمرت حتى انتهاء الشتاء.
كان معى قاموس، وكنت أقرأ منه يوميا الكثير من الكلمات الأنجليزية، وأيضا كان معى كتب لدراسة الرياضيات. كنت أذاكر يوميا على الأقل ثلاث ساعات. لقد استمرت بالمذاكرة حتى أنتهيت من الرياضيات المطلوبة لامتحان ال GRE. وكنت دائما أقرأ كتب وروايات. أنتهيت من الأخوة كارامازوف، كافكا على الشاطئ، ثلاثية الإسكندرية، وغيرهم من الأعمال الأدبية. فى المجمل، لقد أحسنت استغلال وقتي فى الجيش. لم يضيع هباء. كنت استثمر فى نفسى فى كافة الإتجاهات.
يمكننى أن أزعم أن أفضل رمضان قضيته فى حياتى كان أثناء قضائي الخدمة العسكرية. كنا نتسحر قبل الفجر ثم أنام، وأستيقظ على حوالى الثامنة صباحا، أجلس أمام القنال أستمع إلى الراديو وأبدأ فى المذاكرة. ثم أغفو قليلا من الساعة الثانية حتى الرابعة، وأستيقظ ونبدأ فى تحضير الإفطار، ونفطر في الهواء الطلق وبينما نرى المياه وتشرق الشمس. لقد كانت أجواء خيالية. لم يكن رمضان هو فقط الأفضل، حتى العيد الصغير كان الأفضل. لقد صليت صلاة العيد فى مسجد قريب من الوحدة بينما ألبس جلابية بيضاء.صحيح إنه مرت أوقات عصيبة كثيرا، لكن مهما كان اليوم سيئا، كان يمر وكنا نضحك عليه لاحقا.
أشياء اكتشفتها عن نفسى
أكتشفت أنى شخصية جيدة للغاية، غالبا أنا أكثر شخص صادق قابلته فى الجيش. معظم من قابلتهم يكذبون كثيرا، ونادرا ما يقولون الحقيقة. وهذا شىء فى شخصيتهم تعلموه من بيئتهم. معظم من قابلنى فى الجيش أحبنى للغاية واحترمني لشخصيتي والسعي الدائم للتطوير من نفسى. الضباط عندنا فى الموقع يحبونني يعاملونني معاملة خاصة، لأنى شخص متعلم وكما يقولون (دكتور)، ( ده ممكن يبقى حاجه)، (علفكرة أحمد ذكى)، بالرغم من أنى لا أبذل أي مجهود لأكون شخص مميز. فى الواقع، إن اسمى الشائع على قناة السويس هو «عبقرينو» ومعظم العساكر تسجلنى على هاتفها (عبكرينو). والعساكر دائما يقولون لي ( أنت ابن ناس ومتربي)، (أنت محترم وطيب ومش هتنفع مع الناس دى).
تعليقات
إرسال تعليق