التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصتنا مع الأنماط الزائفة

ولدنا فى غموض، غموض لازمنا منذ بدئنا أن نكون بشرًا. إستيقظنا فى هذا العالم الصغير تحت غطاء من النجوم كطفل لقيط ولد على عتبة أحد المنازل دون أي ملاحظة لتدلينا من أين أتينا؟ ومن نحن؟ وكيف جاء كوننا؟ دون أي فكرة كيف ننهى عزلتنا الكونية.لقد إكتشفنا كل هذه الأمور لوحدنا. أفضل ما لدينا هو ذكاءنا وبالأخص هبة التعرف على الأنماط صقلتها دهور من التطور. لقد كان الجيدون فى كشف الفريسة والمفترس والجيدون فى التميز بين النباتات السامة ولا المغذية لهم الفرصة الأكبر للبقاء والتكاثر.بقوا على قيد الحياة ونقلوا جيناتهم للأجيال اللاحقة جينات التعرف على الأنماط بفوائدها الظاهرة.

 جميع الثقافات على سطح الأرض كان ينظرون على نفس النجوم ووجدوا صورا مختلفة فيها. لقد إستخدمنا تلك الهبة فى التعرف على الأنماط فى الطبيعة لنقرأ التقويم فى السماء. الرسائل المكتوبة على النجوم أخبرت أجدادنا وجداتنا متى ستحط رحالها ومتى ستتحرك ومتى ستهاجر القطعان ومتى سيأتي البرد والأمطار ومتى سيتوقفون لبرهة من الزمن. وعندما لاحظوا الإرتباط المباشر  بين حركات النجوم والدورات الموسمية على سطح الأرض إستنتجوا وبشكل طبيعي أن ما يحدث فى الأعلى لابد أن يكون موجها لنا فى الأسفل. إن كانت السماء تقويما ووضع أحدهم ملاحظة فى أعلاها الأ يجعلها ذلك رسالة؟ وحينما يتم خرق الأمر السماوي فجأة بظهور مذنب فى السماء. إعتبروا ذلك أمرا شخصيا وهل يمكن أن نلومهم؟ فى ذلك الوقت لم يكن لديهم أي تفسير منطقي لما يحدث هل كان يمكنهم أن يعلموا أن هذا المذنب يدور حول محور مائل على نفسه ويدور حول الشمس ؟ كان ذلك قبل أن يتخيل أحد بأن الأرض مجرد كوكب. كل ثقافات الإنسان القديم، قامت بنفس الخطأ. لا بد أن يكون المذنب رسالة أرسلتها الآلهة أو إله واحد معين. 

ودائما تقريباً  إستنتج أسلافنا أن تلك الرسالة تحمل أخبار ليست جيدة. فكانت المذنبات آيات من العذاب. الفرق الوحيد بينهم كان طبيعة الكارثة القادمة. (disaster) بالإنجليزية اي الكارثة وهى مشتقة من الإغريقية وتعنى: نجم سيء. 
لقبائل الماساى فى شرق أفريقيا كان الذنب يعنى المجاعة. ولقبائل الزولو فى الجنوب كان يعنى حربًا.ولقبائل الإيجهاب فى الغرب كان يعنى مرضا. ولقبائل الجاكا فى زائير كان يعنى الجدري ولجيرانهم قبائل اللوبا كان المذنب يخبرهم بقرب موت أحد قادتهم.

الصينيون القدماء كانوا منتظمين بشكل ملحوظ. وفى 1400 سنة قبل الميلاد بدأوا بتسجيل وفهرسة ظهور المذنبات. مذنب بثلاث ذيول كان يعنى مصيبة للدولة. مذنب بأربعة ذيول كان يعنى أن وباء قادم. مهارة الإنسان فى التعرف على الأنماط كان سلاحا ذو حدين. نحن جيدون بشكل خاص فى العثور على الأنماط حتى وأن لم تكون موجودة وهذا ما يعرف
 بـ ( التعرف على الأنماط الزائفة).

مقتبس من: Cosmos: A Spacetime Odyssey 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

The Forest

Lately, I've been going through new experiences. Yesterday I was in the woods, the forest for the first time in my life. I had one particular idea that kept resonating in my mind. Murakami, what was the name of your novel? But I had a stronger feeling. I was honestly frightened. To me, the forest is a living organism. If it likes me, it welcomes me; if not, it can swallow me whole. Which novel Haruki When I entered, I used the main road. But something inside me whispered, 'Do not be afraid, you will not be swallowed today.' I stepped off the main road to use a narrower, wilder path. The road ahead is a steep, sloppy incline, winding through towering trees. The ground is blanketed with countless fallen leaves, concealing the uneven terrain beneath my feet. Each step is uncertain. I stop and look back, realizing it’s just me and the trees. They watch me as I watch them, and for a moment, we share a quiet appreciation. When I look at them, I don’t see mere wood and branches. I...

نظرية كوكب الأرض

  كوكب الأرض ليس الأفضل، وإن حاولنا مقارنته بالكواكب الآخرين، فسنجده كوكب صغير وغير مميز، وقد تظن الكواكب الأخرى أن لا أهمية له. ولكن على العكس تماما، فالبنسبة لنا كوكب الأرض هو أكثر الكواكب تميزا فى الكون، إنه إستثناء نادر جدا، لدرجة أنه لا يوجد أى كوكب يشبه. وهنا محور النظرية أن نضع وقتا أكثر لإيجاد نقاط تميزنا عوضا عن مقارنة أنفسنا أو ظروفنا بالآخرين. فى المقارنات سوف تخسر غالبا، وستضعفك ولن تقويك. فالأرض صغيرة بالنسبة للآخرين هذة حقيقة لا يمكن إنكارها، كما لا يمكن إنكار جمال الأرض الداخلى وتميزها الفريد. أعتقد أننا كبشر عموما نقارن نفسنا بالآخرين من وقت للآخر، ونقول لو كنت أملك هذا فقط، أو لدى ما عنده أو عندها من صفات.سوف يحدث هذا لا شك لكن المهم أن لا يحدث بدون أن نعى مميزاتنا، وأن لا نسعى بأن نقارن عيوبنا بمميزات الآخرين. أنا أؤمن أن المقارنة الوحيدة التى تستحق التفكير فيها، هى مقارنة أنفسنا بنسخنا السابقة، وقياس إن كنا نتحسن أو نتراجع، فهذه من المقارنات النادرة التى يمكنك الفوز فيها. لذا فى المرة القادمة التى تحاول أن تقارن نفسك بشخص آخر، تذكر أن كوكب الأرض الصغير هذا هو أكث...

علم الأحياء التطورى والإنتخاب الطبيعى للدكتور سامح سعد على 1/2

التطور علم كامل قد يدرس فى أكثر من سنة كما يقول د.سامح. فلماذا دائما يدعى الكثير من غير المتخصصين أنهم على درياه كاملة بالنظرية وإنها ليست إلا مجرد هراء لا ينفع العقل لا لشيء إلا لكونها تعارض إعتقدتهم سواء الدينية او الفلسفية؟ ولماذا نرى كل هذا التعصب من الطرفيين حينما يُطرح الأمر. الا يمكننا فقط أن نتوقف قليلا ونستخدم التفكير الناقد والحقائق العلمية فى وصولنا للحقيقة؟ يختم د.سامح تلك المحاضرة الرائعة بمقولة ابن رشد: «إذا أردت أن تتحكم فى جاهل ، فما عليك إلا أن تغلف كل باطل بغلاف دينى». يبدأ الدكتور سامح بذكر نقطتين أساسيان يلخصان طبيعة نظرية التطور وهما: 1- انحدرت الكائنات الحية من أجناس عاشت فى الماضي بعد خضوعها لتعديلات تركيبيه ووظيفية تلائم البيئات الحاضنة لها. 2-تتصل جميع الكائنات الموجودة والتي كانت موجودة على الأرض فيما يشبه شجرة  الحياة والتي تلتقى أفرعها و أغصانها عند أسلاف مشتركة. ولكن السؤال هنا هل نعرف جميع الانواع الموجودة على الأرض؟ بالطبع لا ، فنحن لا نعلم إلا 10% من الانواع الموجودة فعليا على كوكب الأرض. والملاحظة الأولى من شجرة الحياة ...