سألت هذا السؤال لصديقاي على القهوة، الأول قال لأنه من السهل خداع البشر عن طريق الصور، ووضح لي أنه عندما تعرض شيء ما للناس بالصورسيصدقونه حتى وإن لم يكن صادق وحقيقي وقال لي إن الناس تصدق أعينها أكثر من سمعها. بينما صديقي الآخر فكان سوريا ، وكان اسمه عمرو ، وعوضا من أقول له عمرو السورى، قولت له عمرو الصوري وضحكنا جميعا
إلى أن السؤال مازال يترنح فى عقلى، لماذا العالم على تلك الدرجة من الصورية . فالأمر لا يبدأ هنا، الأمر يبدأ من حياتنا الشخصية الصورية وسرعان ما تطغو الصورية على المجتمع ، والدولة ماهي إلا إنعكاس لصورة المجتمع، وتأتى الصدمة الأخيرة بأن العالم كمجمل صوري
ما الذى أعنيه بكلمة صورى؟
فلنبدأ بصورة أسرة مجتمعة فى أحد المناسبات، ستجد الجميع مبتسم متزن فى الصورة. ولكن اذا دققنا التفاصيل فى حياتهم لن نجد مبرر لتلك الصورة. والآن دعنا نتحدث عن المجتمع المصري كمثال على المجتمع الصورى، المجتمع ينادى بحقوق المرأة وأهميتها
فى الأديان والتاريخ ولكن عندما نرى التفاصيل ستجد إنه مجتمع ليس صوري فقط، بل عقيم ديكاتورى يبستم بصورية فى وجه فتاة
.العلاقات بين الدول والشعوب تتسم بالصورية،
من الواضح أن مفهوم الصورية مرتبط بعمق بطبيعتنا البشرية ، ونرى هذا بوضوح فى الحضارة المصرية القديمة، وغيرها، فلا يهم عمر أو كفاءة الحاكم او الوالي أو الملك أو الرئيس المهم أنه موجود حتى تكتمل الصورة. نحن لا نحب الفجوات فى الصور
وهذا يرجع بينا للتساؤل كيف وصلنا لتلك المرحلة من الصورية ولم نحاول تغيرها. من الواضح أنه لا يوجد طريق مباشر للإجابة. فقد تكون هناك عوامل تطورية، وبالتأكيد الأمر يرتبط بعوامل إقتصادية ونفسية. المثير للدهشة أن المفهوم الصوري ناجح للغاية فى العالم, مليارات من البشر آتوا وماتوا ومازال نفس المبدأ يعمل. وأعتقد أن سبب تفشى هذا المبدأ فى العالم مؤخرا ينبع من حقيقة أن الحمقى أكثر من العقلاء فى العالم، وكما أوضح لي صديقي من السهل خداع البشر بالصور ، فكلما كان لديك حمقي وجهلاء كلما كانت درجة تصديقهم للصورة أكبر. والشق الآخر يأتى من النظام الاقتصادي العالمي سواء النيولبيرالية أو الرأسمالية، فلا يهم من
أين ستأتى بالمال وكيف ستؤثر استثماراتك سالبا على البيئة أو العمال طالما انت ناجح وتتوسع وتعطى للجميع نصيبه من المال
أجل لا أستطيع أن أنكر أن العالم الصوري فى تحسن، ولكنه يتحسن ببطيء والملايين يدفعوا ثمن هذا التحسن، العالم الصوري يتغذى
على الجهل، ولهذا من البديهي التوقع أنه سيسقط فى المستقبل لا محالة. العالم الصوري لا بد أن ينتهى، ويبزغ نور العالم الحقيقي الصادق ولن نستطيع أن نصل لهذا إلا بأن نضع المتخصصين فى إمكانهم الصحيح، أن يرتفع عدد المتعلمين والعقلاء عن عدد المغيبين ، أن نستخدم التفكير النقدي للتأكيد من صحة كل ما يدعى إنه صحيح. أن نشكك فى العالم ونتوقف عن تصديق الصور،
وعوضا عن هذا نواجه المشاكل الحقيقة بحلول حقيقة ومنطقية
تعليقات
إرسال تعليق