مرحلة ما قبل التفكير
غيرى كغير الملايين من الأطفال المصريين المسلمين مع بداية الألفية الثانية، لعب المسجد دورًا محوريًا فى طفولتى، فيه تعلمنا قواعد وأخلاق الحياة اليومية. كان المسجد يلعب دورا كبيرا فى تحديد شخصيتك ولكن دوره الأكبر كان فى تكوين رؤيتك عن العالم. من أصدقائنا؟ من أعدائنا؟ ماهي الصورة النموذجية للشخص فى المجتمع؟
فى الحقيقة كنت ولد مشاغب للغاية، لم أؤمن يوما بمبادىء شيوخ المسجد ، وتطورت علاقة من الكراهية بينهم على مدى عمري. والآن لنرجع للطفولة وبداية نشاطي السياسي. بدأت معرفتي السياسة بمعلومة صغيرة سمعتها فى التلفاز إن رئيس وزراء مصر هو أحمد نظيف، فحفظت الاسم جدا، وفى إحدى حصص مادة الدراسات، سألت المعلمة من هو رئيس وزراء مصر؟ كنت أنا الوحيد الذى يعلم الإجابة، وصفق لي الفصل جميعا.
إندلعت ثورة يناير، وأنا مازالت طفل، كنت فى نهاية المرحلة الابتدائية، ولكنى شاركت بها وكان اليوم هو 28 اي جمعة الغضب، بدأ الأمر بعد صلاة الجمعة، رأيت مجموعة من الشاب مجتمعة وتهتف وتتقدم، بهرني الموقف، مشيت معاهم حتى وصلت إلى مكان لا أعرف طريق العودة منه إلى المنزل، ولكنى أكملت معهم مبهورا بما أرى، حتى وصلت إلى نقطة دارت بها اشتباكات بين الشرطة والشباب، وفجأة ظهر شاب يعرفني أوقف لي تاكسى وطلب منى الرجوع للبيت فورا، وهذا ما حدث.
بعد ثورة 25 يناير العظيمة، رجعت للمسجد لتعلم القرآن ولكن هذه المرة مختلفة عن غيرها، هذه المرة ظهر كيان جديد على الساحة. الأخوان المسلمين، وكان أحد شيوخ المسجد الذى يعلم الأطفال منهم، وكنت أكرهه للغاية. مدفوعا بالفضول بدأت أشارك فى أنشطة الأخوان المسلمين. كان دوري يقتصر على الذهاب إلى المسيرات ، وترديد بعض الكلمات
تطور الأمر سريعا وحدث الكثير من الأمور التي لما أفهمها حينها، مجلس عسكرى؟ استفتاء على دستور؟ شباب 6 أبريل؟ مظاهرات محمد محمود؟ البرادعي خاين؟ باسم يوسف؟ وكثير من علامات الاستفهام، كنت طفل لم أفهم أي من تلك الأشياء. كنت فقط أردد ما أسمعه فى المسجد أو فى مسيرات الأخوان.
فاز محمد مرسى برئاسة الجمهورية، ويوم إعلان النتيجة كنت فى المسجد أيضا. ، وشاركت فى مسيرات تأيد الرئيس مرسى، والتي لم أفهمها مغزاها قط، ما الهدف من مسيرة لدعم الرئيس الشرعي للبلاد؟
الشيء المضحك هنا، أنى شاركت أيضا فى 30 يوليو، صراحة لست أعتبرها ثورة، فأنا كنت فى قلب تجمعات محافظة الدقهلية عند مركز المحافظة، وكانت الفئة السائدة هي الأشخاص المشبوهيين، المدفوع لهم.
مضت الأيام وهللنا للجيش، جاء السيسى، ورأيت المصريين منقسمين، بين السيسى والأخوان بين حلم رجوع مرسى
جاء السيسى للحكم وارتفعت آمال المصريين وانتظر الجميع مستقبل مشرق.
كنت حتى هذه اللحظة طفل لا يعلم اي شيء عن تاريخ الأخوان المسلمين أو التاريخ العسكري السياسي.
مرحلة ما بعد التفكير
لقد تربيت فى مجتمع ينبذ كلمة سياسة، وكان فهمى كله عن السياسة ينبع من الدين، كنت طفل يردد مع المرددين بدون أى وعى يسمح لى بالتفكير، ولم يكون حولى أحد قدم النصيحة أو أرشدني إلى طريقة التعقل، كان يجب أن أفعل كل هذا وحدي. وعلى سبيل السخرية كنت أقدم لمنحة للدراسة للخارج وعندما سألوني عن آرائي السياسية لهم قولت
«إن السياسة ملعونة معلونا ما فيها» ولا أستعجب أنى رُفضت»
فى المقال القادم سأناقش مرحلة ما بعد التفكير
تعليقات
إرسال تعليق