استيقظ الفتى على صوت منبه لم يقم بضبطه، استيقظ وهو يشعر بارتجاج فى عقله، كان مازال عالق فى المنطقة بين الوعى واللاوعى. شىء فشيئا أدرك أن هذا المنبه الحقير أيقظه من نومه، لم يمتلك القوة أو سببا يدفعه للقيام من السرير، بالرغم من عطشه والشعور بضرورة الذهاب إلى الحمام ليفرغ مثناته قاوم كل أنظمته البيولوجية ليبقى فى السرير. أخذ الفتى يفكر بالبارحة وكيف استطاع النوم بصعوبة بعد تشغليه لأحد الفيديوهات والاستماع إليها حتى ينطفىء وعيه وهذا ما أراده. كان كل ما يريده الفتى أن يتوقف الضجيج فى عقله بأى ثمن. حاول أن يشغل بعض الأغانى الحماسية حتى تجعله يترك السرير ولكن بلا جدوى، جلس حوالى ساعة يفعل لا شىء ثم قام وذهب إلى الحمام ليقضي حاجته و ليترك الماء يعيد لجسده الحيوية. أنتهى من شرب كوب الماء على مرتين أو ثلاثة وبعدها توجه للجلوس على اللابتوب الذي فتحه قبل الذهاب إلى الحمام. لم يكن هناك هدف واضح من فتح اللابتوب ولكنه كان الشىء الوحيد القادر على فعله. إن اللابتوب هو صديقه المفضل لأن فى كل مرة يفصل منه أثناء عمل هام، يقوم اللابتوب بالعمل مجددا بكل براءة وكأن شىء لم يحدث، إنها صداقة رائعة. شعر الفتى كالعادة بأنة يريد التحدث إلى أحد، كان لا يعرف مع من يريد التحدث، فمن بين كل الأشخاص فى العالم، أراد أن يحدث الشخص الذى لا يريد التحدث إليه. لقد تذكر شىء، هناك مقال عليه أن ينشره اليوم، قام بضبط اللمسات الأخيرة، صمم صورة المقال، وقام برفعة للنشر فى الوقت المناسب. لم يكن الفتى سوى كاتب ولكنه مازال مبتدئ. أراد أن يجعل يومه مختلف، لكنه لم يجد شىء يجعل اليوم مختلف، أنتهى الأمر بكتابة مذكراته التى يواظب على كتابتها منذ سنة تقريبا، عندما يتعلق الأمر بالكتابة فهى الشىء الذى يحبه الفتى، لأنه يرى إنه قادر على خلق أشياء من العدم، على إحياء أفكار من مفاهيم مجردة، كان قادر على اختراع شخصيات، تحليل العالم والأهم هى محاولة فهم نفسه الى لم يفهمها أبدا. نظرة بسيطة على مذاكرات الفتى فى السنة الأخيرة وستلاحظ شىء غريبا، إنه فى أغلب الوقت فى صراع مع نفسه ومع الواقع. لم يكن الأمر عاديا إنه يحارب كل يوم حتى يبقى على قيد الحياة، يخلق معنى من اللامعنى ويرى الأمل مهما اشتدت الظلمات، كان محبوسا فى دائرة متوحشة إرادات تدميره، ولكنه كان رافض الاستسلام لسبب بسيط؛ لأنه يحب الحياة حتى وإن لم يفهمها، حتى وإن كان يعانى كان يحبها، كان يحب الطبيعة بكل ما فيها من سريان أبدى للمياه، وثبات مهيب للجبال، وعنفوان الرياح المتغير. كان يعرف أن الشاطىء مكان جميل، وإن قمة الجبال هادئة وإن المحيط عميق، أعمق من ما يمكن أن تتخيل. لهذا أراد الحياة، كونه يعانى لا يجعل الحياة سيئة، ربما ظروفة الآن سيئة لكنه مؤمن أن كل هذا سيتغير يوما ما. أنتهى من الكتابة التي استغرقت حوالي ساعة وجلس على السرير يتصارع فى عقله أشخاص وذكريات الماضى، لكنه قرر أن ينهى الصراع بصراع آخر، تذكر الرواية الأخيرة التى قرأها للكاتب ماركيز، الحب فى زمن الكوليرا، أحب الرواية للغاية، وشغل باله قضية طرحها الكاتب، يبدو أن الرجل يمكنه أن يحب إمرأتين وأن يكون مخلصا لكلتاهما . أراد الفتى أن يحدد موقفه من هذة القضية المستقبلية، ففي ذهنه، أنه سيحب فتاة واحدة ويكون مخلصا لها إلى الأبد، لكنه لا يستطيع الجزم أنه سيحب مرة واحدة فقط، فالعالم فى نظرة رائع ومليء بالأشخاص الرائعين. كالعادة أخذ يدور فى دوائر أبدية ولم يجد إجابة. فتح اللابتوب مجددا، وأخذ يبحث عن أشياء متنوعة، كالفلسفة الصينية، ودول العالم التى لا يسمع بها أبدا، وتاريخ بعض الأحداث، ووسط بحثه العشوائى وجد مقالا غريبا، كان المقال يسمى مسدس العدالة، كانت القصة إنه فى أحد الأزمنة الغابرة وفي أحد الدول التى لا يسمع أحد عنها شيء، والتى عادة ما تتواجد في جنوب الأرض، قامت حركة مسلحة تدعو للحرية باختراع نظام جديد للتطبيق العدالة، فى هذا النظام كان كل عضو فى الحركة يملك مسدسا، وإذا خان أحد أعضاء الحركة المبادئ المعلنة للحركة، من حق أى عضو فى المنظمة قتله، ولكن بعدها يجب أن يقنع الآخرين أنه قتله لسبب ويجب أن يمتلك دليلا، وإن لم يمتلك دليلا سيقتل هو الآخر. حتى رئيس الحركة كانت رأسه معرضة لطلقة إذا خان المبادىء. أعجب أهل القرية كثيرا بهذا النظام العادل، وقرروا الانضمام للحركة، وأصبح كل فرد فى القرية يحمل مسدسا، يمكنه قتل الخائن. نجح هذا النظام نجاحا عظيما، ففى مدة قصيرة للغاية تم تصفية كل الخائنين والفاسدين، وازدهرت والقرية، أصبح الجميع يمارس عمله بانضباط، الموت لمن يخون المبادئ التى كان إحداها، الإخلاص فى العمل. لم يتوقف الأمر عند هذة النقطة، توسعت الحركة إلى القرى المجاورة، وسرعان ما تم تصفية كل الخائنين، وازدهرت القرى الأخرى. ولكن السلطات المحلية بدأت تلاحظ من تزايد حالات الموت في تلك القرى، وبعد تقصى الأمر،عرفت عن الحركة وأفكارها، وأرسلت إلى السلطات العليا بسرعة التدخل، وهنا تدخل الجيش وبعد شهور من الاشتباكات تم دك القرى و إبادتها، وأختفت الحركة إلى الأبد. أنتهى من قرأت المقال بعدما شدته الفكرة، ارتدى ملابسة الشتوية وغادر شقته فى أقل من عشر دقائق، وضع السماعات فى أذنيه، وأخذ الطريق المعتاد إلى القهوة المحفور فى دماغه أكثر من أى طريق آخر، حتى إنه يستطيع أن يصل إلى القهوة وهو مغمض العينين، بعد نصف ساعة من المشى وعندما أقترب من القهوة لمح طيف الأصدقاء يجلسون على ترابيزة دائرية الشكل فى أقصى أطراف القهوة المطلة على الشارع، جلس بينهم وهو يضحك، أكتمل الأصدقاء، كانت قعدة القهوة الملاذ الوحيد الذى يجد فيه الفتى نفسه، كانت المدة الزمنية التى يعقد هدنة مع نفسه والعالم، فالآن كل الحروب توقفت، وهو يجلس مستمتعا بوقته بين الأصدقاء الرائعين. يغادر الفتى القهوة منتشيا بالكاد يتسطيع أن يحمل نفسه، يصل إلى شقته ليدس نفسه تحت البطانية ويختفى الثقل الذي يجثو على عقله.
Lately, I've been going through new experiences. Yesterday I was in the woods, the forest for the first time in my life. I had one particular idea that kept resonating in my mind. Murakami, what was the name of your novel? But I had a stronger feeling. I was honestly frightened. To me, the forest is a living organism. If it likes me, it welcomes me; if not, it can swallow me whole. Which novel Haruki When I entered, I used the main road. But something inside me whispered, 'Do not be afraid, you will not be swallowed today.' I stepped off the main road to use a narrower, wilder path. The road ahead is a steep, sloppy incline, winding through towering trees. The ground is blanketed with countless fallen leaves, concealing the uneven terrain beneath my feet. Each step is uncertain. I stop and look back, realizing it’s just me and the trees. They watch me as I watch them, and for a moment, we share a quiet appreciation. When I look at them, I don’t see mere wood and branches. I...
تعليقات
إرسال تعليق