«الشجاعة أيضا هى تقبل الرفض والخسارة، ثم المحاولة مجددا.»
نصف الشجاعة أن تمضى إلى الأمام، النصف الأخر هو أن تمضى واثقا، أن لا تشعر بالذنب أو الخوف. ماهى الشجاعة على أى حال؟ فى الأنجليزية هى كلمة مشتقة من كلمة فرنسية معناها ( القلب والعقل). الشجاع هو من يعبر أحداث الحياة بالقلب والعقل سويًا، أن يتقدم إلى المجهول وأن يشعر به لكن لا يتراجع. للشجاعة قدرة عظيمة على دفعنا إلى الأمام، فعندما يندمج القلب مع العقل تزداد تكاملا، وتستطيع أن ترى الصورة الأكبر بحق، صورة حقيقة ليست مشوهه بإنقيادات العقل، أو مصبوغة بـ تحيزات القلب المتغيرة.
عنصر جوهرى آخر للشجاعة هو قدرتها على دعمنا فى إجتياز المناطق الضبابية فى الحياة. أقصد، العلاقات والأحداث المحيرة التى تبدو معقدة وغير واضحة، التى لا تستطيع أن تميز فيها بين المفيد والضار، بين الخير والشر، هناك فقط سوف تنقذك شجاعتك.فـ قدرتك على إتخاذ القرار فى أوقات التردد والتشتت، والعبور من المناطق الضبابية غير واضحة المعالم يحتاج إلى شجاعة كبيرة.
ولكن من أين نستمد الشجاعة؟. واحدة من أفضل الطرق لصقل شجاعتك هى التزامك بـ مبادئك الخاصة، أن تكون مستعدا للخسارة والتضحية من أجل مبادئك. وكلما ألتزمت بمبادئك، كلما صرت أكثر شجاعة، كلما قاومت الإغراءت وتمسكت بما تؤمن به صرت شجاعا أكثر فأكثر. الشجاعة أيضا هى تقبل الرفض والخسارة، ثم المحاولة مجددا.
يمكن تشبيه علاقة المبادىء بالشجاعة بمثال بسيط، بالروابط الكميائية التى وظيفتها جعل المركب الكميائى متماسك. فإذا كانت بينك وبين مبادئك رابطة واحدة فقط -اى خط مستقيم يربطهما معا- هنا يمكن كسرك بسهولة.و فى المركبات الكميائية عندما تنكسر الرابطة، ينتج مركبين جديدين مختلفين فى الخصائص. أى أن المركب الأصلى (أنت) قد أختفى، ولن نقدر على تميزه بعد الآن. فـ بإنكسار الرابطة (مبادئك) نحصل على مشتقات للمركب الأصلى (أنت).
وإذا كان هناك رابطتين بينك وبين مبادئك فهذا معناه أنك تقاوم الكسر والتحلل أفضل. أخيرا، إذا كان هناك ثلاثة روابط بينك وبين مبادئك فهذا يعنى أنه من الصعب جدا كسرك، أى أنك تقاوم الظروف الخارجية أفضل، أى أنك أكثر إستقرارً. والسر هنا أنه كلما ألتزمت بمبادئك، أكتسبت رابطة جديدة، وأصبحت أكثر شجاعة.
ولكن الخطر يكمن فى كسر الروابط، فالرابطة التى نشبهها بقدرتك على الألتزام بقيمك وأهدافك ومبادئك إذا كسرت، تصبح أنت مفكك وخائف، تصير إنسانا جبانًا، يخاف المستقبل الذى يحمل فى طياته المجهول. وإذا كسرت جميع الروابط، أى أنك قمت بإرادتك بتكسير جميع مبادئك، فهنا لن نستطيع التعرف عليك مجددا، هنا أنت فقدت هويتك، ولن نقدر على تميزك مجددا، أو أنت لن تسطتيع تميز نفسك.
بإختصار نحن نعمق الشجاعة بقدرتنا على الإلتزام بمبادئنا، و السير نحو أهدافنا واثقين من قيمنا، مقاومين كل الإغراءت. وعندما تزداد شجاعتنا نسطتيع العبور من المناطق الضابية، يمكننا السير إلى الأمام، إلى المجهول، واثقين ولن تشعر بالذنب مجددا، سوف تمضى إلى الأمام مؤمنين بأننا أخذنا القرار الصحيح، حتى وإن كان فى هذا القرار بعض الألم. فالمبادىء والشجاعة مترابطين. وعندما تكسر مبادئك، تفقد شجاعتك، وتصبح شخصا آخر، قد لا تسطتيع أنت بذات نفسك التعرف عليه. لهذا، كن شجاعا لآخر لحظة، مهما تطلب الأمر من تضحيات. فلا يوجد أسوء من فقدان الشخص لنفسه.
أود أن أشكر صديقى أحمد حسونة، فبعد مناقشتة تبلورت فكرة المقال فى عقلى.
المضى نحو المجهول بثقة
تعليقات
إرسال تعليق