لم أنم سوى نصف ساعة، ومع هذا استيقظت وبدأت التحضير للذهاب إلى قويسنا. اخذت القطار المتجه للقاهرة الدرجة العادية. ركبت بجانب الشباك، وتحرك القطار. ومع سريان القطار، كان المظهر من الشباك بعض المبانى فى البداية ثم يتبعها الأراضى الزراعية. لكني تفاجأت بأن برائحة سيئة ودخان يتكرر، كان السبب هو الزبالة المتراكمة والتى يحرقها أحد ما. تكررت هذه الرائحة وهذا المنظر على طول الطريق من المنصورة إلى طنطا. حزنت بعض الشىء، كنت أتمنى أن أرى أن الأمور تتحسن، لكن الواقع يقول أن الأمور فى الريف المصرى تتجه نحو الأسوء.
كنت أضع السماعات في أذني، واستمع إلى مدونة صوتية موضعها حول « التكتل العالمي للديمقراطية» التى يروج لها رئيس أمريكا، بايدن والذي يحاول من خلالها المحافظة على الديموقراطية من الصين وروسيا. كانت الآراء التي سمعتها جيدة. وكان هناك جزء يتعلق بالدول التي سوف تكون فى هذا التكتل، فمثلا هل ستكون الهند مدعوة؟ فهي شبه ديموقراطية. ضحكت فى نفسى عندما تخليت أن مصر لن يدعوها أحد فى هذا التكتل العالمى.
وصلنا محطة بركة السبع، وكانت معظمها عبارة عن أراضى زراعية على مساحات كبيرة. بالقرب من القطار كان هناك نبات الصبار بأشواكه متراكم يفصله عن الذي بعده مترين ثم نبات صبر جديد متراكم ويستمر هذا النمط بموازاة القطار. وخلفه يوجد محصول الذرة، تعجبت بكمية الذرة هذه، إلى أين تذهب؟ ولماذا تزرع مصر تلك الكمية الهائلة من الذرة؟
تخيلت نفسي أنزل وأتجول فى بركة السبع، أجلس مع المزارعين البسطاء واسألهم اسئلة عن الحياة. وصلنا قويسنا، نزلت أنا وأمرأه ذاهبة إلى نفس وجهتى لتقدم لابنها الذى انتهى من الإعدادية إلى مدرسة صرف صحى. وصلت المصنع، أعجبنى فيه بيئة العمل المتحركة وجذب انتباهي وجود أجهزة كثيرة بملايين الجنيهات، خاصة هناك العديد من أجهزة« HPLC». كانت أحيانا تغفو عيني لثوانى إذا ما بدأ أحد شرح شىء ممل. فى اليوم الأول تجولنا فى وحدة ضمان الجودة و عرجت على قسم الأبحاث والتطوير، أعجبنى هذا القسم أكثر من السابق وأعجبنى الذى يعمل فى هذا القسم شخصيته رائعة يسمى «إمبابى» كان بسيط، مرح، يستمع جيدا للآراء، وغير متعالى. عرفت أن مصر لا تصنع أدوية جديدة، كل ما فى الأمر أننا نأخذ دواء عالمي عُرف أن له تأثير ونقوم بتصنيعه فى مصر. ويمكن لعدة شركات أن ينتجوا نفس الدواء، والفرق فى شيئان. أولا من أين تأتي بالمواد الخام هناك شركات تأتى بالمواد الخام من الصين والهند ولهذا أسعارها رخيصة وجودتها أقل مقارنة من الشركات التى تستورد من الاتحاد الأوروبى وأمريكا. السبب الثانى هو فى المواد التى توضع مع المادة الفعالة والتى تسمى Excipients
تلك المواد قد تختلف من شركة إلى شركة، وهى لا تؤثر فى المادة الفعالة لكنها تؤثر على خصائص الدواء فمثلا تؤثر على تماسك الدواء ( تابلت) و زمن تفككه داخل الجسم.
انتهيت من اليوم الأول من التدريب. وبدأت رحلة رجوعى من قويسنا إلى المنصورة التى سوف تستغرق ستة ساعات وربع. وسوف أحكى تلك القصة الكارثية فى المدونة القادمة.
تعليقات
إرسال تعليق